راؤول اسطورة الريال السابقة

في ذلك الوقت لم يكن هنالك سوى خياران لا أكثر. كان بإمكانه، مثلاً، أن يخشى على تاريخه من الزوال ويقرر حينها البقاء على مقاعد بدلاء الريال، أو أن يخضع لحقيقة الأيام ويعلن الاستسلام..في الواقع، كانت تلك الأشياء مجرد أوهام.


بدأت الحكاية بطريقة دراماتيكية، فلم يصبر بيريز على مورينيو في نجاحاته الخالدة مع انترناسونالي، وبعد دقائق من تعيينه مديراً فنياً لريال مدريد الإسباني، كَرَ الصحفيين الأسئلة عن مستقبل البلانكو، فقال جوزيه:"سنناقشه لاحقاً".


في تلك الأثناء، دخلت أفكار راؤول بمعركة بين إثبات الذات أو احترام قدر النفس، قبل أن تصل الأمور لذروتها عندما شعر راؤول بالوحدة القصوى حينما أعلنت مدينة جيوهانسبرج فوز اسبانيا ببطولة كأس العالم 2010.


تربص الصحفيون أكثر، ومعها ضاقت أنفاس راؤول، كما كان يعتقد الجميع ذلك، فالأخير التزم الصمت طويلاً في ذلك الوقت. تواصلت "تلميحات" مورينيو فيقول مرَة بأنه سيحادث راؤول، وتارة بأنه يريده، وفي جهة ثالثة يطل ديل بوسكي ليثري عبارات الشفقة فيقول: علينا مراجعة قراراتنا في حق استدعاء راؤول لكأس العالم، قبل أن يكمل لاعبو المنتخب لعبة "الكلام" فيكتب بعضهم: راؤول سعيد لأجلنا بكل تأكيد! اختلطت الأفكار ما بين إيمان وتقدير وشفقة وتحية وتربص!


تذكر العالم حينها الفلم الساحر "لا مدينة للقدماء"، وأيقنوا أن راؤول بات أرشيفاً للكرة ولم تعد مدريد له، وفجأة ظهر الأخير في ليلة عابرة ليصدم الجميع على حد سواء في رحيله عن اسبانيا البلاد، وحكى لجماهيره ولجوزيه مورينيو:"سأبقى ألعب حتى تطلبني قدماَي بالتوقف"، وأعلن رسمياً رحيله لشالكة الألماني!


بيدَ أن جماهير ريال أنفسهم لم يؤمنوا بما فكر فيه راؤول، فمثلاً امتلىء البرنابيو عن بكرة أبيه في ليلة استقطاب "كريستيانو رونالدو"، فيما لم تشفع خدمة عقد ونصف العقد، فأتى بعض "العواجيز" ليلقوا التحية على راؤول الضحية! وبدلاً من تكريمه في ليلة الوداع، تزاحفت الجماهير من أجل شراء القميص الجديد كلياً، "كريس 7"، الذي استحوذ على الرقم في إبان تنحي البلانكو عن كتيبة البرنابيو.


وصل راؤول لألمانيا وأحيا من هناك سياسة أهداف "اللوب"، وانتقل بلعبة "الهاتريك" من مدريد لشالكة، وفي حسابه الشخصي 12 هدفاً يضعه على أوائل هدافي دوري ألمانيا بدرجته الأولى. ثم اتجهت الأنظار لفالنسيا، وفي ليلة عودة الملك لأسبانيا، سجل البلانكو هدفه ورقص بتواضع وكبرياء حتى صفق له الحضور من شدة الحياء! وبينما خسر ريال مدريد سباق دوري اسبانيا، وصل راؤول بشالكة لنهائي كأس ألمانيا. وحينما كانت رسائل الأمس شفقة، صارت اليوم حسرة، فأرسل ريال مدريد تهنئة فورية لنجمه على انتصار ثورته الفردية في ألمانيا، وعبروا في ضمائرهم عن حزنهم لفشل ثورتهم الجماعية في اسبانيا!


ما فاز راؤول بكرة ذهبية قط، أو مقعد احتياطي في تأريخية كأس أوروبا والعالم، ولكنه فاز ببيتٍ من قصيدة لحن الحياة لأبي القاسم الشابي، إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ – فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ




مع تحياتي خربشات قلم